أحداث الداخلة|تقارير

‏من “متعة كرة القدم” إلى منصة للفتنة: السقوط الأخلاقي لقنوات beIN SPORTS

20251027_170939

في عالمٍ كانت فيه الرياضة، وكرة القدم تحديداً، لغة عالمية توحّد الشعوب وتجمع المشجعين على اختلاف انتماءاتهم، كانت شبكة قنوات “beIN SPORTS” تمثل النافذة الأبرز التي يطل منها الجمهور العربي على أعظم المنافسات الكروية. لكن يبدو أن تلك الصورة البراقة قد اهتزت بشدة، وبدأت القناة تتحول من منبر رياضي إلى أداة لتمرير أجندات سياسية مثيرة للجدل، ضاربة عرض الحائط بالميثاق الإعلامي والحياد المهني الذي يُفترض أن تلتزم به.

مشهد الكلاسيكو الذي فضح المستور

لم يكن يوم الأحد، الذي ترقبه الملايين لمشاهدة “كلاسيكو الأرض” بين ريال مدريد وبرشلونة، يوماً عادياً في تاريخ تغطيات القناة. فقبل انطلاق المباراة، وفي مشهد أثار استهجان وغضب قطاع واسع من الجمهور العربي، ظهر مراسل القناة في بث مباشر من محيط الملعب، وخلفه شخص يرفع بفخر علم “جبهة البوليساريو” الانفصالية.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل زاد المراسل الطين بلة عندما اختار من بين آلاف المشجعين العرب الحاضرين، نفس الشخص الجزائري الءي يحمل علم الكيان الانفصالي، ليجري معه لقاءً سريعاً بجانب مشجع مغربي. هذا الاختيار لم يكن بريئاً على الإطلاق، بل بدا وكأنه انتقاء مدروس وموجه لإيصال رسالة سياسية واضحة، مستغلاً واحداً من أكثر الأحداث الرياضية مشاهدة في العالم.

الارتباك الذي أصاب المشجع الجزائري أثناء حديثه كان دليلاً إضافياً على فداحة الموقف، حيث قال: “أنا من الجزائر، الصحراء الغربية”.

هذا الخطأ الجغرافي الفادح يطرح سؤالاً ساخراً ومريراً في آن واحد: هل توجد “صحراء غربية” داخل حدود الجزائر؟ أم أن الحماس لتمرير رسالة سياسية أنساه أبسط الحقائق الجغرافية؟

انحراف عن المسار وتسييس ممنهج

هذه الواقعة ليست حادثة معزولة، بل هي تتويج لمسار طويل من الانحراف بدأت القناة تسلكه، حيث تحولت من مجرد ناقل للأحداث الرياضية إلى لاعب فاعل في الساحة السياسية، مستخدمة منصتها للتأثير في الرأي العام وتصفية حسابات لا علاقة لها بالرياضة. إن استغلال شغف الجماهير بكرة القدم لترويج أفكار انفصالية ودعم كيانات تصنفها دول عدة كمنظمات إرهابية، هو خيانة لثقة الملايين من المشتركين الذين يدفعون أموالهم للاستمتاع بالرياضة، لا ليجدوا أنفسهم وقوداً في معارك سياسية لا تعنيهم.

إن مبدأ الحياد، الذي يُعد حجر الزاوية في العمل الإعلامي، يبدو أنه أصبح ضحية الأجندات الخفية. فبدلاً من أن تكون القناة جسراً للتواصل بين الثقافات والشعوب العربية، اختارت أن تكون معول هدم، تثير النعرات وتعمّق الخلافات بين الأشقاء، وتستخدم الرياضة كغطاء لممارسة دعاية سياسية فجة.

سقوط في فخ الأيديولوجيا

إن ما حدث قبيل الكلاسيكو هو دليل قاطع على أن “beIN SPORTS” قد فقدت بوصلتها الأخلاقية والمهنية. لقد تخلت عن دورها كشبكة رياضية رائدة لتحتضن دوراً جديداً كبوق دعائي لجهات معينة، وهو ما يطرح تساؤلات جدية حول مستقبلها ومصداقيتها لدى الجمهور العربي الذي منحها ثقته لسنوات طويلة.

لقد حان الوقت ليعي القائمون على هذه الشبكة أن الجمهور العربي أذكى من أن يتم التلاعب به، وأن الرياضة يجب أن تبقى ملاذاً نقياً بعيداً عن مستنقع السياسة القذر. وإلا، فإن مصيرها سيكون المزيد من التآكل في شعبيتها ومصداقيتها، لتتحول في أذهان الناس من “قناة المتعة الكروية” إلى “قناة الفتنة السياسية”.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي أحداث الداخلة