الحسين اولودي * باحث في الجغرافيا السياسية
في سياق إقليمي مطبوع بالتحولات الأمنية العميقة التي تعرفها منطقة الساحل والصحراء، قام الفريق موسى سالاو بارمو، رئيس أركان جيوش النيجر، بزيارة عمل إلى المملكة المغربية على رأس وفد عسكري رفيع المستوى، حيث جرت مراسيم الاستقبال بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية.
زيارة عمل دامت أسبوع من يوم 21 إلى 27 من هذا الشهر ، وقد استقبله الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية قائد المنطقة الجنوبية، تنفيذاً للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية.
الزيارة شكلت محطة مهمة لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات متعددة شملت التكوين والإعداد العملياتي، الصحة العسكرية، وتبادل الزيارات والخبرات، وهي مجالات حيوية تعكس حرص المغرب والنيجر على تطوير شراكة عسكرية متقدمة تتماشى مع التحديات الأمنية المشتركة.
وبالرجوع إلى سياق و رهانات هكذا زيارات ، فإن أهمية هذه الزيارة تتجلى في كونها تعكس رؤية المغرب الاستراتيجية تجاه دول الساحل، والتي ترتكز على مقاربة شمولية تجمع بين التعاون الأمني، والدعم التنموي، وتعزيز الاستقرار الإقليمي خاصة في ظل الحروب و حالات عدم الاستقرار التي تعرفها منطقة الساحل الصحراء الكبرى ، فالمغرب بما يمتلكه من خبرات ميدانية ومؤسسات عسكرية متطورة، يشكل فاعلاً أساسياً في دعم قدرات جيوش المنطقة، خاصة وأن النيجر تعد إحدى الدول المحورية في معادلة الأمن بالساحل حيث تواجه تهديدات الجماعات الإرهابية المنتشرة بالمنطقة وشبكات التهريب العابر للحدود و شبكات الإتجار الدولي بالبشر .
كما أن التعاون بين المغرب و النيجر يندرج في إطار الانفتاح الاستراتيجي للمملكة على إفريقيا جنوب الصحراء، وهو انفتاح يؤكد على أهمية التضامن الإفريقي – الإفريقي في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة بعيدا عن المقاربات الكلاسيكية التي أثبتت محدوديتها، وكذلك الاستمرار على الوعد المغربي تجاه قارتنا الإفريقية في تنزيل أسس تعاون جنوب جنوب الذي وضعه جلالة الملك محمد السادس.
وبناء على ما سلف ، فإن هذه الزيارة ليست مجرد لقاء بروتوكولي، بل تعبير عن إرادة سياسية وعسكرية مشتركة لبناء فضاء أمني متكامل يقوم على تبادل الخبرات وتعزيز الكفاءات وتطوير آليات الاستجابة السريعة لمختلف التهديدات. وهي خطوة تؤكد أن المغرب، بحكم موقعه الجغرافي وخبرته الأمنية، ماض في ترسيخ موقعه كفاعل رئيسي في استقرار منطقة الساحل والصحراء الكبرى.
تعليقات
0